کد مطلب:220003 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:227

الخضاب فی أحادیث أهل البیت
هو من السنن الشریفة، ووردت أوامر أكیدة به، و بتغییر الشیب، و عدم التشبه بالیهود والنصاری والنصاب الذین ینكرون علی الشیعة استعمال الخضاب. وورد أنه من سنن المرسلین.

و أن انفاق درهم فیه أفضل من نفقة ألف درهم فی سبیل الله، و أنه یطرد الریح من الاذنین، و یجلو الغشاوة عن البصر، و ینبت الشعر، و یزید فی ماء الوجه والباه ویلین الخیاشیم و یطیب الریح والنكهة، و یشد اللثة، و یذهب بالضنی والسهك [1] ، و یسكن الزوجة، و یحسن الولد، و یقل وسوسة الشیطان، و تفرح به الملائكة، و یستبشر به المؤمن،و یغیظ به الكافر، و هو زینة و طیب و وبراءة فی قبره، و یستحی منه منكر و نكیر.

و من جملة فوائد خضاب المرأة رأسها بالحناء أنه یرد الی المرأة المنقطع طمثها حیضها.

ویكره نصول الخضاب - أعنی تأخیره الی أن یتبین بیاض مقدار من أصول الشعر - للنهی عنه، وأنه بؤس. و كذا یكره نقش الید بالخضاب حتی للمرأة النهی عنه.

وورد أنه انما هلكت نساء بنی اسرائیل من قبل القصص ونقش الخضاب.

ویكره جماع المختضب، فان فعل ورزق ولدا كان مخنثا، و تخف الكراهة أو تزول بعد أخد الحناء مأخذه.

ویكره خضاب المجنب، فان الشیطان یحضره حینئذ، و عند جماع المختضب، ولا یؤمن علیه أن یصیبه الشیطان بسوء.

ثم ان هنا جهات من الكلام:

الأولی: أن استحباب الخضاب یعم كل شعر أبیض من الرأس كان أو اللحیة، لاطلاق الأخبار الواردة فی فضله، مضافا الی التنصیص بذلك فی الأخبار، فقد استفاضت بأن خضاب الرأس واللحیة من السنة.



[ صفحه 574]



وورد أن سید الشهداء أرواحنا فداه كان یخضب رأسه بالوسمة. [2] .

الثانیة: أن استحباب الخضاب لا یختص بالحناء، بل یعم الخضاب بكل ما یصبغ، لاطلاق جملة من الأخبار والتنصیص بذلك فی جملة أخری، غایة الأمر أن كلا من الحناء والكتم - و هی الوسمة علی التحقیق مفردا و مركبا - أفضل من غیرهما، و أغلب الفوائد المزبورة ورد فی الخضاب بالحناء، و من كان من الأئمة علیهم السلام یختضب كان یختضب بها تارة و بالوسمة أخری وبهما مركبا ثالثة، فالصبغ بغیرهما و ان كان یحصل به امتثال أوامر التزین للأهل و یحصل به سكون الزوجة، وفرح الملائكة، و استبشار المؤمن، و غیظ الكافر، والبراءة فی القبر، و استحیاء منكر و نكیر، الا أن ترتب جملة أخری من الثمرات التی هی طبا و تجربة آثار الحناء والوسمة كطرد الریح من الأذنین، و جلاء البصر، و طیب الریح والنكهة،وشد اللثة... و نحو ذلك، محل تأمل، لتخلف بعض تلك الآثار عن الصبغ بالأصباغ الخالیة من الحناء و الوسمة بالوجدان، و مقتضی قاعدة عدم حمل المطلق علی المقید فی السنن و ان كان هو القول بترتب تلك الآثار علی مطلق صبغ الشعر بعد اطلاق الأخبار المرتبة جمیع تلك الآثار أو أغلبها علی مطلق الخضاب تارة، وعلی الخضاب بخصوص الحناء والوسمة أخری، الا أن تخلف بعض تلك الآثار عن الصبغ بغیرهما من الأصباغ بالوجدان، و انصراف الخضاب الی الصبغ بهما یثبطنا عن الالتزام بترتب جمیع الآثار المزبورة علی مطلق الصبغ ولو بغیرهما، و ان كان استحباب مطلق الصبغ ولو بغیرهما، و ترتب جملة من الآثار علیه بالوجدان مما لا ینبغی التأمل فیه. مضافا الی ما ورد فی مدح خصوص الحناء مثل قول النبی صلی الله علیه و آله وسلم: «الحناء خضاب الاسلام، یزید فی المؤمن عمله، و یذهب بالصداع، و یحد البصر، و یزید فی الوقاع، وهو سید الریاحین فی الدنیا والآخرة».

وقوله صلی الله علیه و آله وسلم: «ما خلق الله شجرة أحب الیه من الحناء»

الثالثة: أن استحباب الخضاب یعم الخضاب الموجب لصفرة الشعر و حمرته و سواده، لاطلاق جملة من الأخبار والتنصیص بذلك فی جملة أخری،



[ صفحه 575]



غایته كون الأحمر أفضل من الأصفر، والأسود أفضل من الأحمر، لنطق جملة من الأخبار بذلك، فقد ورد أن رجلا دخل علی رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وقد صفر لحیته فقال له رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: ما أحسن هذا، ثم دخل علیه بعد هذا و قد أقنی بالحناء، فتبسم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و قال: هذا أحسن من ذاك، ثم دخل علیه بعد ذلك و قد خضب بالسواد، فضحك صلی الله علیه و آله وسلم الیه و قال: هذا أحسن من ذاك و ذاك.

وفی عدة أخبار أخر أنه صلی الله علیه و آله وسلم سمی الشبیه فی الاسلام ب: النور، والشیبة المصبوغة بالحناء نورا و اسلاما، والمصبوغة بالسواد بعد ذلك نورا و اسلاما و ایمانا.

وورد أن الخضاب بالسواد مهابة للعدو، و مكتبة له، و أنس للنساء.

و أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أمر فی بعض غزواته بأن یخضبوا بالسواد لیقووا به علی المشركین.

وورد أن الله یزید به فی عفة النساء، ولقد ترك نساء العفة بترك أزواجهن لهن التهیئة.

و أن أحب خضابكم الی الله الحالك أی الشدید السواد.

ثم أنه قد اشتهر علی الألسن أن الحناء والوسمة یزیدان فی الشیب و یعجلان فیه، والقیاس الطبی لعله یساعده، و أرسل روایة بأن الحناء تكثر الشیب، ولكن التجربة تشهد بخلاف ذلك، مضافا الی أنه قد قیل لمولانا باب الحوائج علیه السلام: بلغنا أن الحناء تزید فی الشیب، فقال علیه السلام: أی شی ء یزید فی الشیب؟! الشیب یزید فی كل یوم.

الرابعة: أنه لا اشكال فی استحباب خضاب الید والرجل بالحناء للنساء، ذوات بعد كن أم لا، لاطلاق الأخبار المزبورة، مضافا الی ما روی عن الصادق علیه السلام من أنه قال: لا ینبغی للمرأة أن تعطل نفسها ولو أن تعلق فی عنقها قلادة، و لا ینبغی لها أن تدع یدها من الخضاب، ولو أن تمسحها بالحناء مسحا و ان كانت مسنة.

وما روی عنه علیه السلام من أنه قال: رخص رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم للمرأة أن تخضب رأسها بالسواد، و أمر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم النساء بالخضاب ذات البعل و غیر ذات البعل، أما ذات البعل فتتزین لزوجها، و أما غیر ذات البعل فلا تشبه یدها ید الرجال.



[ صفحه 576]



وهل یستحب خضاب الید والرجل للرجال؟ وجهان: من ظهور قوله علیه السلام: فلا تشبه یدها ید الرجال فی أن وظیفة الرجال بیاض الیدین. و من أعمیة ذلك من عدم الاستحباب لاجتماعه مع تعارف الترك، و عدم تأكد الفعل، و اقتضاء اطلاق أخبار الخضاب للرجل والمرأة الشامل لخضاب الید والرجل أیضا استحباب ذلك لهم أیضا، مضافا الی ما عن أبی الصباح من أنی رأیت أثر الحناء فی ید أبی جعفر علیه السلام.

وما عن محمد بن صدقة العنبری من أنه لما توفی أبوابراهیم موسی بن جعفر صلی الله علیه و آله وسلم كان فی رجلیه أثر الحناء.

و ما رواه الحكم بن عیینة قال: رأیت أباجعفر علیه السلام وقد أخذ الحناء و جعله علی أظافیره فقال: یا حكم ما تقول فی هذا؟ فقلت: ما عسیت أن أقول فیه و أنت تفعله؟ و ان عندنا یفعله الشبان، فقال: یا حكم ان الأظافیر اذا أصابتها النورة غیرتها حتی تشبه أظافیر الموتی، فغیرها بالحناء.

و ما رواه الحسین بن موسی عن أبیه موسی بن جعفر صلی الله علیه و آله وسلم أنه خرج یوما من الحمام فاستقبله رجل من آل الزبیر - یقال له: كنید - وبیده أثر حناء فقال: ما هذا الأثر بیدك؟ فقال: أثر حناء، ویلك یا كنید! حدثنی أبی علیه السلام - و كان أعلم أهل زمانه - عن أبیه علیه السلام عن جده علیه السلام قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم: من دخل الحمام فأطلی، ثم اتبعه بالحناء من قرنه الی قدمه كان أمانا له من الجنون والجذام والبرص والأكلة الی مثله من النورة.

و كون مورد هذه الأخبار الأخیرة ما بعد النورة لا یضر بعد عدم القول بالفصل بینه و بین غیره، علی أن من له أنس بالأخبار وفهم رموزها و نكاتها علم أن الاعتذار بكونه بعد النورة تقیة من أهل زمانه التاركین لخضاب الید، المستثقلین لرؤیة أثره علیه.

و أما ما روی من أنه نظر أبوعبدالله علیه السلام الی رجل وقد خرج من الحمام و هو مخضوب الیدین فقال له أبوعبدالله علیه السلام: أیسرك أن یكون خلق الله یدیك هكذا؟ فقال: لا والله، و انما فعلت ذلك لأنه بلغنی عنكم أنه من دخل الحمام فلیر علیه أثره - یعنی الحناء - فقال: لیس ذلك حیث ذهبت، انما معنی ذلك اذا خرج أحدكم من الحمام وقد سلم فلیصل ركعین شكرا. فغیر صریح فی الانكار،



[ صفحه 577]



لاحتمال كونه استفهاما منه علیه السلام لیظهر غلط الراوی فیفهم الحدیث، و كون معناه ما ذكر لا ینافی الاستحباب، مضافا الی احتمال كون الانكار أیضا من باب التقیة، فان سببه یشبه علل العامة، لأنه لو تم لاقتضی انكار خضاب الرأس واللحیة أیضا بالحناء و نحوه، و انكار خضاب ید المرأة و رجلها أیضا.

و بالجملة فاستحباب خضاب البدن بالحناء بعد النورة مما لا ینبغی التأمل فیه، و استحباب خضب الید و الرجل للرجال سیما أظفارهما حتی عند عدم التنور غیر بعید، ولو تنزلنا عن ذلك فلا أقل من عدم الدلیل علی ما أفتی به الفاضل المجلسی رحمه الله من كراهة خضاب الید و الرجل للرجال، و ما هو الا عودا علی ظاهر ما مر مما ورد تقیة و تقییدا للاطلاقات علی خلاف القاعدة المقررة فی باب المطلق والمقید، والله العالم.

الخامسة: ان اطلاق كثرة التأكید فی الأخبار فی خضاب اللحیة و ان كان یشمل جمیع الأزمنة الا أن ظاهر جملة من الأخبار اختصاص تأكد استحباب ذلك علی وجه لا یبعد كراهة تركه ببدو الاسلام، و أما بعد شیوع الاسلام فلا تأكد و ان كان الاستحباب باقیا، و یكشف عما قلناه اختلاف أفعال أئمتنا علیهم السلام فی ذلك، فان أمیرالمؤمنین علیه السلام لم یخضب شیبه، بل ورد أن النبی صلی الله علیه و آله وسلم لم یختضب الا مرة واحدة، و اختضب سیدالشهداء علیه السلام والسجاد علیه السلام والباقران علیه السلام، وقد سئل أمیرالمؤمنین علیه السلام عن قول النبی صلی الله علیه و آله وسلم: غیروا الشیب و لا تشبهوا بالیهود، فقال: انما قال صلی الله علیه و آله وسلم ذلك والدین قل، فأما الآن و قد اتسع نطاقه و ضرب بجرانه فامرؤ و ما اختار.

فائدة:

یستفاد من تعلیل أمیرالمؤمنین علیه السلام عدم خضابه فی بعض الأخبار بأنی فی مصیبة النبی صلی الله علیه و آله وسلم عدم تأكد الاستحباب الخضاب [كذا] فی حق المصاب.



[ صفحه 578]




[1] الضناء - بالفتح والمد - هو المرض الملازم حتي يشرف صاحبه علي الموت، والسهك: رائحة كريهة توجد في بعض الناس أن عرق.

[2] الوسمة - بكسر السين - نبت يخضب بورقه، و يقال هو الظلم،و أنكر الأزهري السكون، و في القاموس: الوسمة ورق النبل أو نبات يختضب بورقه. مجمع البحرين.